الثلاثاء، 16 سبتمبر 2014

شمس باريس الجديدة


ملتف بلحاف السرير مثل يرقة، أو مثل حلزون مختبئ داخل قوقعته،يختلس نظرات خاطفة ليتأكد إن حل ضوء النهار، ليس قادرا
على التناوم ولا على الإستنوام، أمضى الليلة كلها محاولا سرقة غويمضات قليلة، ولكن ليس للنوم  من سلطان، غدا موعد أول يوم لإفتتاح السنة الجامعية الجديدة، وعليه أن ينام حتى يكون عند الموعد في كامل قواه الذهنية والجسدية، فهو شخص يأمن بتأثير البدايات على مجرى سيرالأحداث.

تذكر أنه تركها أمس تنتظر على الهاتف بعد أن عاد من حصة للتمارين الرياضية إختتمها بالعدو على جانب الشاطئ، يحب بشدة العدو حيث يرى فيه تحديا لقدرات الذاث ومطالبتها بالمزيد، إستأذنها للإستحمام، لتعبه إستحلى المياه الدافئة ونسي إنتظارها، عندما عاد وجد لها رسالة نصية، تسأله أين هو، وهل نام، وبما أنه لم يجب تمنت له ليلة سعيدة وإستسلمت للنوم، أرسل .
لها  أيضا  رسالة رغم أنها كانت متأخرة، معتذرا لها ومتمنيا لها بالمثل ليلة سعيدة

رن الهاتف على صوت رسالة نصية، تشجأ وأمسك هذا الأخير، ليعرف ما فحوى الرسالة ومن صاحبها، أو بالأحرى من صاحبتها، فهو لا يذكر أنه تلقى يوما رسالة نصية صباحية مصدرها جنس الذكور، كل الرسائل الصباحية تحمل نفحات نسائية، النساء وحدهن من يكن على مزاج جيد في الصباح، رغم أنه كان متأكدا أنها هي صاحبتها، ولاكن هو لا يأمن بالغيبيات، كل شيء عنده قابل للشك .
أو باطل مالم يتحقق منه بالعقل، هذه فلسفته في الحياة.
فعلا كان توقعه كالعادة صحيحا، فهي صاحبة الرسالة، متمنية له فيها يوما سعيدا.
بالنسبة له لا شيء أجمل من الإستيقاظ على كلمات من نحب حتى وإن كانت بسيطة فدلالاتها عميقة، أماط عنه اللحاف،و أجابها على الفور
ــــــ صباح الخير والأنوار يا شمس باريس الجديدة، فهذا هو لقبك الجديد.
لم يمضي على رحيلها إلى باريس من إحدى مدن فرنسا الجنوبية سوى يومين، ولكنه بدأ يحس بمرارة غيابها.
ضحكت وسألته إن كان بخير.
أجابها بالإيجاب: بخير والحمد لله، البارحة تركتك تنتظرين، فإنتقم مني الليل وحرمني من النوم عقابا لي، وحتى عندما تحايلت عليه وبدأ يغازلني، أطلت علي أشعة شمس الصباح منتقمة  بدورها، الكل تحالف وتحامل ضدي، كنت أظن نفسي بغرور المعجب الوحيد ولكن أرى أن لي منافسيين.
أضحكها كلامه، من عادتها أنها تهمل وجبة الفطور ولاكن من الواضح أنها ستدمن كلماته وتغزله بها كل صباح،ستجعلها تتصالح مع هذه الوجبة، شريطة أن تكون أحرفه على قائمة مائدة الفطور

أضاف: أرجوك، ترجي لي الرياح ألا تفعل لي شيئا حين أهم بالخروج.
ــــ هي: لا تخف 
ــــ هو: سامحينى حتى أتأكد. 
ـــ هي: إن لم تفعل لي شيئا، لا تخف من أذية أحد.
ــــ هو: أي إمرأة أنتي و أي قوى خارقة تملكين.
ــــ هي: أتخاف.
ــ هو: أحتاط.
ـــ هي: يجب.
أطل من النافذة فرأى، السماء غمام،تشعر ناظرها  بالكابة، سألها إن كانت هي السبب.
أجابته: يمكن فالجو جميل هنا في باريس.
هو: غير معقول، كيف يمكن هذا، رغم أن الشمس دائما ما كانت هنا، لطبيعة المدينة ذات المناخ المتوسطي، حيث دائما ماتكون الشمس متواجدة بالرغم من إختلاف الفصول، على عكس باريس متشابة الفصول و الغمام و الكآبة، ألم أقل لك بأنك شمس باريس .
الجديدة، رحلت وسرقت الشمس معك، أم أنك بريئة وهي من تخلت عنا ورحلت معك لا من أنت سرقها.

ـــ هي : جميل ماتقول، ولكن أرى أنه كثير في حق إمراة مثلي.
ـــ هو: أتستصغرين نفسك، أنا أراكي في قوتك شمسا، في إغرائك شمسا، في جمالك و ضيائك شمسا، في لهيبك شمسا، وفي تفوقك على الشمس ومطاوعتها لك تفوقا.
ـ
ـــ هي : أليست من يلح علي في كل مرة بالتواضع، وتجنب الغرور.
ــــ هو : أرايت ماذا يحدث لنا حين لا ننام.
ــ هي : هذا من إيجابيات الخروج مع شاعر، لا أجمل من كلمات صباحية تعزف في أذان متلقيها سمفونية نمساوية. 
ــ هو : المرأة التي تجعل رجلا  يقول هذا الكلام، وفي هذه الظروف، وتجعل قائلها يتفاجأ أيضا مما يقول، ما هي إلا إمراة إستتنائية.
ــ هي : أخجلتني 
ـــ هو : ها أنت تثبتين الصفة عليك، ألم أقل لك أنك شمس باريس الجديدة، فمن صفات الشمس الخجل، فكلما خجلت الشمس ممن يتغزل فيها أو من نظرات الناس لها، إلا وإستنجدت بالسحب لتختفي خلفها.
ـــ هي : يجب أن تدفع لي.
ـــ هو : على مذا؟
ــ هي : ألهمك، ولذلك عليك أن تدفع لي.
ـــ هو : أظن، أنا من عليه مطالبتك بذلك، فقديما كان الشعر يوزن ذهبا عند الملوك. مقابل بيت بسيط من المديح.
ــ هي : مجرد تواجدي في حياتك فهو يكفي، تخيل لو لم تكن تعرفني، تراك ما كتبت هكذا كلاما.
ـــ هو : لعل كلانا محظوظ، من يعرفك ويفهمك ويطلع على حقيقتك وجوهرك، يصبح ينبوعا للكلمات
ـــ هي : معناه أنك إستطعت تحقيق هذه الشروط.
ــ هو : لو لم يكن، لما كان هذا الإلهام الصباحي المفاجئ، رغم أنني صاحب هذا الكلام فأجهل مصدره ومن أي ينبوع داخلي يأتي، فأنما متأكد إن أعدت مطالعة هذا الكلام في وقت أخر غير هذا، فسأشكك حتى في أنني صاحبه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق